العقدة البحرية

منذ فجر التاريخ، سحرت المحيطات البشرية بجمالها وغموضه كانت البحار موطناً للمخلوقات الأسطورية، ومصدرًا للغذاء والثروة، وشريانًا للتواصل بين الشعوب ومع ذلك، كانت الملاحة في العصور القديمة هي مغامرة محفوفة بالمخاطر كان البحارة يواجهون تحديات جمة في تحديد موقعهم والتنقل بأمان في أعالي البحار.

كيف تمكن البحارة القدماء من التغلب على هذه التحديات ومعرفه سرعته اللتي يسير بها ؟ وكيف تطورت أدوات قياس الملاحة البحريه على مر العصور؟ دعونا ننطلق في رحلة عبر التاريخ، لنكتشف كيف بدأت قصة قياس سرعة السفن، وكيف تحولت من أدوات بدائية مصنوعة من الخشب إلى أجهزة متطورة تعتمد على أحدث التقنيات.

  قبل البوصلة: كيف وجد البحارة طريقهم في المحيطات؟

عندما غامرت السفن في الخروج إلى عرض البحر لأول مرة، لم تكن لديها طريقة مضمونة لمعرفة موقعها. وبالفعل تم هذا بإيجاد خط العرض وخط الطول للمكان. خط العرض هو المسافة شمال أو جنوب خط الاستواء . وخط الطول يروي كم يكون بعد المكان شرقاً أو غرباً . لقد تقرر أن درجة الصفر لخط الطول سيكون خط الطول الذي يمر بغرينيتش، بإنكلترا.

  الكتلة الخشبية: أداة الملاحة الأساسية قبل اختراع الأجهزة الحديثة

لكي يأخذوا فكرة عن خط طولهم، السفن الأولى حسبت أولاً المسافة التي سافرتها في فترة معينة من الزمن. إستعملوا «كتلة» لإكتشاف هذه. لقد كانت كتلة من الخشب، وزنت عند طرف واحد، مع الطرف الآخر مثبت إلى قطعة حبل طويلة. الكتلة، ألقيت فوق مؤخرة السفينة، فعامت وترك الحبل حالما أقلعت السفينة. يمكن حساب سرعة السفينة برؤية كمية الحبل التي أطلقت في فترة محددة .

العقدة والميل البحري 

سرعة السفن قديماً تقاس بطريقة بدائية ومبتكرة فكان البحارة يربطون عُقدًا على طول حبل طويل بمسافات متساوية تبلغ 14.4 متر بين كل عقدة ثم يلقون أحد طرفي الحبل مع لوح خشبي في البحر ويحسبون عدد العقد التي تمر بين أيديهم خلال 30 ثانية كل عقدة تمثل مسافة 1.85166 كيلومتر أو ما يعادل ميلًا بحريًا واحدًا وبالتالي فإن عدد العقد التي يمرون بها خلال نصف دقيقة يعطيهم سرعة السفينة بالميل البحري في الساعة.
اليوم، لا تزال “العقدة” هي الوحدة القياسية لسرعة السفن، وهي تعادل ميلًا بحريًا واحدًا (1852 مترًا) في الساعة. فعندما نقول إن سفينة تبحر بسرعة 15 عقدة، فهذا يعني أنها تقطع مسافة 15 ميلًا بحريًا في الساعة، أو ما يعادل حوالي 28 كيلومترًا في الساعة.

  الكتلة المعدنية: تطوير أداة قياس السرعة البحرية

الكتل الخشبية ما زالت تستعمل لأظهار كمية السرعة التي تسافر بها السفينة. لكن الكتل اليوم هي قضبان معدنية خاصة ذات شفرات منبسطة من حولها. السفينة تبحر عبر الماء، والقضيب المعدني يدور ويلف الحبل دورة ودورة. الحبل الملفوف يدير جهازاً على ظهر السفينة يظهر السرعة الفعلية .

من الخشب إلى الرقائق الإلكترونية: ثورة في الملاحة البحرية

لقد قطعنا شوطًا طويلاً منذ أن استخدم البحارة القدماء الكتل الخشبية لتقدير سرعة السفن في أعالي البحار اليوم، أصبحت السفن مزودة بأحدث الأجهزة الإلكترونية التي تمكنها من تحديد موقعها بدقة متناهية وتحديد سرعتها بدقه والتواصل مع العالم الخارجي في أي مكان وفي أي وقت ومع ذلك، لا يجب أن ننسى الجذور التاريخية للملاحة البحرية، والتحديات التي واجهها البحارة الأوائل.